الساعة

هل نجا اليورانيوم الإيراني من الضربة الأميركية؟

 

القدس المحتلة - كامل إبراهيم  

 

رفع الجيش الإسرائيلي مستوى التأهب على الجبهة الشمالية، الأحد، تحسبا لأي رد محتمل من حزب الله اللبناني، تضامنا مع إيران، وذلك عقب الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، بحسب ما أفادت مصادر إسرائيلية.

وأفادت تقديرات في الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله قد يفكر في الانضمام إلى الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران، وذلك بعد الهجمات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان.

وأكدت التقييمات أن هناك حالة استنفار واضحة داخل صفوف حزب الله منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على إيران الأسبوع الماضي، إلا أن ذلك لم يترجم حتى الآن إلى أي تحركات ميدانية أو مؤشرات على استعداد فعلي لخوض مواجهة مباشرة.

وفي خطوة اعتبرها مراقبون تحديا للاتفاق، نفّذ الجيش الإسرائيلي انسحابًا جزئيًا من جنوب لبنان، إلا أنه ما زال يحتل خمس تلال استراتيجية كان قد سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة.

ويعتقد المسؤولون الأمنيون في تل أبيب أن انخراط حزب الله في القتال قد يمثل فرصة إيجابية لإسرائيل، نظرا لما يعانيه الحزب من «ضعف داخلي» متزايد في لبنان.

ووفقا لهذه التقديرات، فإن فتح جبهة جديدة مع إسرائيل قد يزيد من تآكل نفوذ الحزب الذي تراجع مكانته منذ الحرب الأخيرة.

وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن جهات حكومية لبنانية قد أبلغت حزب الله، منذ بداية التصعيد، بعدم تأييدها لأي انخراط في المعركة، وهو عامل قد يحد من تحرك الحزب في الوقت الحالي.

ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيّز التنفيذ في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، تواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ غارات وهجمات شبه يومية على مناطق جنوب لبنان.

وكانت إسرائيل قد وسعت عملياتها العسكرية في لبنان منذ 23 أيلول/سبتمبر 2024، عقب تبادل لإطلاق النار على الحدود، ما أدى إلى سقوط أكثر من 4,000 شهيد ونحو 17,000 جريح، إلى جانب نزوح ما يزيد عن 1.4 مليون شخص.

وفي ضوء التصعيد، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الأحد، عن إدخال تغييرات فورية على تعليمات الجبهة الداخلية، عقب تقييم أمني أُجري بمصادقة وزير الأمن يسرائيل كاتس.

وجاء في البيان: «بمصادقة وزير الأمن، وفي ختام تقييم للوضع، تقرر أنه ابتداءً من الساعة 03:45 فجر الاحد، سيتم الانتقال إلى سياسة جديدة للاحتواء، تشمل تفعيل مستوى ’العمل الضروري‘ في جميع أنحاء البلاد».

وتشمل هذه السياسة فرض قيود مشددة، من بينها حظر الأنشطة التعليمية والتجمعات العامة، وإغلاق غالبية أماكن العمل، باستثناء المرافق الحيوية والضرورية. وأكد الجيش على ضرورة التزام السكان بالتعليمات الصادرة عن الجبهة الداخلية ومتابعة التحديثات بشكل مستمر للحفاظ على السلامة العامة.

وجاءت هذه التطورات عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فجر الأحد، عبر منصته «تروث سوشيال»، عن تنفيذ «هجوم » على ثلاثة مواقع نووية إيرانية هي فوردو ونطنز وأصفهان.

وقال ترامب: «أُلقيت حمولة كاملة من القنابل على فوردو، وجميع الطائرات خرجت من المجال الجوي الإيراني وهي في طريق العودة. الآن هو وقت السلام».

يُذكر أن إسرائيل، منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، ارتكبت ما يزيد عن 3,000 خرق للاتفاق، خلّف ما لا يقل عن 217 شهيدا و508 جرحى في لبنان.

وفي نفس السياق، قال مسؤولون إسرائيليون، في تصريحات نقلتها إذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد، إن احتمال عدم تعرض منشأة «فوردو» للتدمير في الهجوم الأخير يعد ضئيلا جدا. وأكدوا أن الولايات المتحدة حرصت خلال الضربات على توجيه ضربات دقيقة لضمان تدمير منشأة «نطنز» النووية بشكل كامل.

وفي رد فعل رسمي، رحب وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بالهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، واصفاً إياه بـ"القرار التاريخي».

وقال كاتس: «أهنئ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قراره الجريء بتدمير المواقع النووية الثلاثة في إيران، في خطوة تكمل العملية الإسرائيلية وتسهم في منع طهران من امتلاك سلاح نووي يشكل تهديدا مباشرا لإسرائيل، وللدول في المنطقة، ولأمن الولايات المتحدة القومي ذاته».

من جانبه، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تصريح:«هذا الإجراء الجريء يخدم مصالح الأمن العالمي بأسره، وآمل أن يفتح طريقاً نحو مستقبل أفضل في الشرق الأوسط، كما أنني أرجو أن يسهم في الإفراج العاجل عن رهائننا المحتجزين في غزة».

أما رئيس الكنيست أمير أوحانا، فقد قال: «لم ينتظر الرئيس ترامب وقوع هجوم مدوٍ يشبه بيرل هاربر كي يواجه قوى الظلام. لقد تحلى بالعزيمة والشجاعة، وقدم موقفاً واضحاً يحمل أبعاداً أخلاقية هائلة. اليوم، أنقذت الولايات المتحدة العالم الحر بقرارها الحاسم».

تعكس هذه التصريحات الثقة الكبيرة في نجاح العمليات العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، في حين تبقى التفاصيل الدقيقة حول مدى الأضرار قيد التحقق من قبل الجهات المختصة.

في هذا السياق، كشف مسؤول أميركي لصحيفة نيويورك تايمز أن الهجوم الذي جرى فجر الأحد على المنشآت النووية الإيرانية، تضمن استخدام ذخائر دقيقة وعالية القدرة، حيث ألقت طائرات الشبح الأميركية من طراز B-2 ما مجموعه 12 قنبلة خارقة للتحصينات على منشأة «فوردو» شديدة التحصين، إضافة إلى قنبلتين مماثلتين استهدفتا منشأة «نطنز».

ويأتي هذا الهجوم في إطار تصعيد عسكري متزايد ضد البرنامج النووي الإيراني، وسط تنسيق واضح بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وسط قلق دولي متزايد بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة.

وأشار الباحثون الإسرائيليون إلى أن «الصين لم تعقب رسميا حتى الآن على الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية. واحتفظت الصين حتى الآن بضبط نفس معين في بياناتها، التي شملت معارضة المس بالسيادة الإيرانية والدعوة إلى وقف إطلاق نار وعودة إلى المفاوضات. والآن أيضا، ليس متوقعا أن تصعد الصين ردود فعلها إلى جانب إيران، ويرجح أن تكتفي ببيانات تنديد في الأمم المتحدة، ودعوات إلى تهدئة الوضع والإشارة إلى استعدادها للمساعدة في جهود المحادثات».

واعتبروا أن «تركيا، التي دعمت طهران منذ بداية التصعيد مع إيران وأدانت ’العدوانية الإسرائيلية’، تواجه معضلة بسبب دخول الولايات المتحدة إلى الحرب. والرئيس التركي سيتردد في تشكيل خطر على علاقاته الجيدة مع الرئيس الأميركي. ولذلك، يتوقع أن تستمر تركيا في الضغط باتجاه الوصول إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وسترغب بدور نشط في الوساطة».

وتطرق الباحثون إلى ما وصفوه بأنه «سيناريو رعب» وردود الفعل «الأكثر تطرفا» من جانب إيران، وادعوا أن «النظام الإيراني موجود الآن في حالة ضعف غير مسبوقة. وليس فقط بسبب تدهور قدراته في الأسبوع الأخير، وانهيار ’محور المقاومة’ في السنة الأخيرة، وإنما لأنه بالأساس إذا قرر الرد بشدة، فإنه قد يعرض نفسه لتهديد بقاء النظام».