06/02/2013

مركز الرأي للدراسات
اعداد : د.حسام العتوم
شباط 2013
يستقي الأردن الوطن الغالي علينا جميعاً عروبته من جذور تاريخه المشرّف والمرتبط مباشرة بأكبر ثورة عربية عرفها التاريخ المعاصر منذ عام 1916 بقيادة شريف العرب الحسين بن علي، والتي هدفت لبناء الدولة الأردنية نفسها عبر نظام أميري ملكي مستقر، ولإعادة بناء وحدة البلاد الشامية، وبناء دولة العرب الواحدة، وهدم المخططات الصهيونية والاستعمارية بألوانها العثمانية والإنجليزية والفرنسية، ولم يكن الأردن يوماً إلا عربياً عبر كافة محطات البناء وتعزيز الاستقلال، والأمثلة التاريخية الحية خير شاهد قبل وبعد شعاريه (العرب أولاً) و(الأردن أولاً) اللذين لم يختلفا حول الهدف العروبي رغم اختلاف الأسلوب، حماية لأمن الوطن، ويتحدث لنا هنا المؤرخ الأردني الكبير المرحوم سليمان الموسى في كتابه «عمان» (ص 98) عن تأليف أول وزارة أردنية في 11 نيسان 1921 برئاسة رشيد طليع بطابع قومي، إذ لم يكن فيها من أبناء شرق الأردن سوى وزير واحد لإعادة الوحدة السورية كما كانت، وفي (ص 102) يتحدث الموسى عن توقيع الأردن عام 1945 على ميثاق الجامعة العربية، وفي (ص 104) يواصل الحديث عن اشتراك الأردن مع الدول العربية عام 1948 في حرب انقاذ فلسطين من الغزوة الصهيونية، وفي (ص 107) يقول الموسى بأن مجلس الأمة عقد جلسة عام 1950 ووافق بالإجماع على مشروع الوحدة الشعبية والشرعية والسياسية والاقتصادية بين الضفتين الغربية والشرقية فيما شهد عام 1951 استشهاد الملك عبدالله الأول أمام المسجد الاقصى في القدس، وهنا أضيف أنا لأسباب غامضة ذات علاقة بتاريخه النضالي المعروف، وأصدر الملك طلال عام 1952 دستور أردني بعمق عربي تنص المادة 15 منه بأن (المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية)، وسابقاً ومنذ بدايات تأسيس الأمارة عام 1923 أطلق الأمير عبدالله اسم الجيش العربي على جيش الإمارة الأردني الذي شكلته الثورة العربية، وفي آذار 1956 قرر الملك الراحل العظيم الحسين تعريب الجيش لتعزيز عروبته بعد التخلص من السيطرة الإنجليزية عليه، رغم قبول التعاون معهم في البدايات وذلك بالتعاون مع الضباط الأحرار الأردنيين وبعد الأصغاء لصوت حراك الشارع الأردني السياسي، وفي عام 1967 ورغم قناعة الشهيد وصفي التل بالإنضمام الأردني لمشروع جمال عبد الناصر العسكري الذي استهدف تحرير فلسطين، بسبب وجود فجوة واقعية بين شعاره آنذاك (ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة) وبين واقع الوحدة والقوة العربية العسكرية والإستخبارية، وبين إسرائيل ومسانديها في الغرب وأميركا، انصاع الملك الراحل الحسين للقرار العربي القومي الناصري ودخل الأردن المعركة إلى جانب مصر وسوريا ولم يترك مجالاً لأي خيار آخر مهما كانت النتيجة، وفي عام 1968 يجد الأردن نفسه وجيشه منفرداً في الدفاع عن ثراه وعن أبناء فلسطين، وبجهدهم أيضاً كان النصر الكبير باسم كل العرب، ويواصل الأردن الصمود ويواجه تدخلات عربية في شأنه الداخلي عبر مأساة أيلول التي نصّر على إلغائها من ذاكرة الجيل الجديد وندعو للعودة للوحدة، وفي عام 1973 يجد الأردن حضوره ضرورياً وسط حرب تشرين لتحرير الجولان إلى جانب سوريا ومصر، فجاءت المشاركة الأردنية العسكرية في وقتها بالاتجاه الصحيح وحررت مدينة القنيطرة، وبين 1980-1988 يقف الأردن إلى جانب العراق دفاعاً عن بوابة العرب الشرقية ويتصدى لطلائع الهلال الشيعي، وفي عام 1988 يلبي الأردن رغبة العرب من وسط مؤتمرهم في الرباط 1974 باعتماد م.ت.ف ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، ويشرّع إلى فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية لفتح الطريق أمام بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية مع ضمان حق العودة والتعويض بإسناد أردني وعربي، ومن دون أية أطماع مباشرة وغير مباشرة، وفي عام 1990 يحاول الأردن إقناع عراق صدام حسين بالعزوف عن مخطط اجتياح الكويت غير القانوني، ويصدّر لاحقا كتاباً أبيضاً لتوضيح موقفه من عدم أحقية حل الأزمات السياسية والاقتصادية عبر التطاول على سيادات الدول المعترف بها للأمم المتحدة، وفي عام 1994 يوقع الأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل لحماية مصالحه السيادية وخدمة أهل فلسطين، ويواصل تسليح جيشه الباسل دفاعاً عن الوطن، وحماية لكامل العمق العربي على طول 600 كيلو متر مربع، وفي عام 2003 يعلن الأردن وقوفه وتعاطفه إلى جانب شعب العراق أمام اجتياح الناتو له، وفق مخطط اسرائيلي غربي أميركي محكم فتح الأبواب أمام اجتياح سياسي إيراني ملاحظ، ويحدد الأردن موقفه لاحقا من أمواج الربيع العربي منذ عام 2011 التي لامست شواطئه وعمقه بواسطة عدم التدخل في شؤون العرب الداخلية السياسية ابتداءاً من تونس عبر ليبيا ومصر واليمن والبحرين وصولاً إلى سوريا وأزمتها الدموية التي نتمنى لها أن تنتهي عبر حوار وطني مسؤول وتحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبحياد وعبر انتقال سلمي للسلطة، في الوقت الذي يقدم فية خدمات إنسانية كبيرة لأكثر من 280 ألف لاجئ سوري، وفي الموضوع الفلسطيني فإن مسألة الكونفدرالية ستبقى معلقة لحين قيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ونتمنى لأردننا الغالي أن يتحول ربيعه إلى صيف مشمس معطاء كما يريده شعبنا الأردني الصبور وكما يريده سيدنا الملك عبدالله الثاني .
في الجلسة التي أعدها مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية نهاية شهركانون الأول الماضي من عام 2012 تم تسليط الأضواء على نقاط ضعف اقتصادية نعاني منها أردنياً مثل عدم المقدرة على تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي المكلفون به من قبل البنك الدولي، وبإن الانفاق العام للدولة حمل الطابع الاجتماعي بنسبة 25 %، فيما ارتفعت فاتورة الانفاق العسكري والأمني إلى 25 %، (بحسب مؤشر العسكرة الدولية 2012 الأردن يعتبر ثاني أكثر دول الشرق الأوسط تسلحاً والخامس على مستوى العالم في زمن السلام)، وبلغت فاتورة الطاقة 4 مليارات دولار سنوياً، وهو رقم فيه تحدٍ كبير، فيما يبلغ العجز في الموازنة 3 مليارات دولار ويعتبر الفساد عائق استثماري كبير يحتاج إلى اجتثاث من جذوره، والأزمة العالمية المالية من 2008 إلى 2010 أحدثت خللاً اقتصادياً في الأردن فتراجع الاستثمار في العام 2011 بنسبة 28 %، وأصبحت الحرب العالمية الثالثة السرية الآن، وكما أعتقد اقتصادية سياسية أحدثت هاجساً لدى سكان العالم باحتمال قرب تحولها إلى عسكرية والتي لا نتمنى لها أن تحصل بكل تأكيد، ويقابل هذه المعادلة الاقتصادية ضرورة النظر لإمكانات الأردن الاقتصادية فوق الأرض وتحته في اطار موقعه الجيوسياسي، والاستراتيجي، والجيوبوليتكي الهام الحساس، ووقوعه تحديداً بين فكي نظامين ساسيين ملتهبين عراقي وسوري يرتكزان على هلال شيعي حاول طرق أبواب الأردن عن طريق إغراءه بالنفط المجاني لثلاثين عاماً قادمة بحسب تصريح سفير إيران بعمان السيد مصطفى زادة نهاية عام 2012 بسبب معلومات غير دقيقة عن فقر الأردن رغم عمقه العروبي وتلاحمه التاريخي والجغرافي والديني واللغوي والمصيري عبر الحاضر والمستقبل مع العرب والأمة العربية، فأمكاناتنا الأردنية الاقتصادية تتحدث عن أن 60 % من إجمالي مساحة الأردن فوسفاتية (1459) ملايين طن مادة خام، والغاز الطبيعي يغطي 10 % من حاجة المملكة فقط (230) مليار قدم مكعب، والصخر الزيتي من أهم أغنى دول العالم (40 مليار طن احتياطي و4 بلايين طن نفط)، و65 ألف طن احتياطي اليورانيوم، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 200 طن سنوياً بمعدل 1.250 مليار دولار سنوياً، وتبلغ خامات رمال السيلكا المخصصة لصناعة الزجاج ومنه الكريستال 13 مليار طن، ولدينا أكثر من 100 بئر بترولي تترواح حرارتها الجوفية بين 22-62 درجة مئوية تفيدنا في الحصول على الطاقة البديلة ومنها الكهربائية، ولتأمين مصادر مياه إضافية جديدة خاصة وأن الأردن يعتبر من أفقر أربع دول في العالم في مصادر المياه، وفي المقابل من حقنا أن نلفت انتباه الجيل العربي الجديد لإمكانات العرب الاقتصادية التي نطمح لاستثمارها لصالح اتحاد فيدرالي عربي قوي يضاهي الإتحاد الأروبي والأميركي والروسي وغيره، فمصر لوحدها لديها ثروة معدينة هائلة من الحديد ، وتعتبر السعودية ثاني أكبر احتياطي بترولي في العالم 267 مليار برميل، بما في ذلك 2.5 مليار برميل في المنطقة السعودية الكويتية المحايدة، تنتج يوميا 10.52 ميلون برميل وتستهلك يومياً 2.64 مليون برميل، وتمتلك الكويت خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم حيث يتواجد على أراضيها 10 % من احتياطي النفط في العالم، وهي رابع أغنى بلد بالنسبة لدخل الفرد، وأعلنت شركة النفط البريطانية أن انتاج الغاز الطبيعي في قطر ارتفع بنسبة 17.3 %، أي أعلى معدل توسع في منطقة الشرق الأوسط، ويبلغ احتياطي الغاز في قطر 900 ترليون قدم مكعب مشكّلاً ثالث أكبر احتياطي في العالم بنسبة 14.4 % من الاحتياطي العالمي، ويبلغ احتياط العراق النفطي المؤكد 125 مليار برميل قابل للزيادة، وهذه مجرد أمثلة على اقتصادات العرب الخاضعة للسياسات الخارجية.
إن التدخلات الخارجية في عالمنا العربي والصراع الدولي على مكتنزاتنا العربية الثرية البترولية والغازية سابقة الذكر وغيرها إلى جانب المطامع الجغرافية والسياسية والدينية حززت الفرقة بيننا كعرب وأبقتنا مفرقين نرتحل من قرن زمني إلى آخر غير آبهين بتحقيق وحدة حقيقية تبقينا أعزاء وسط شعوب ودول العالم، ولا نصغي بنفس الوقت لنداءات الثورة العربية الكبرى من أجل تحقيق الوحدة والحرية والحياة الفضلى لنتمكن من دحر الاحتلال الإسرائيلي عن أراضي العرب وتفكيك أو إخلاء المستوطنات غير الشرعية من ساكنيها اليهود القادمين إلى هنا من شتى بقاع العالم تحت حجج دينية وسياسية واهية ثبت فشلها وسرابها، والتي على رأسها هيكل سليمان المزعوم، والاحتلال زائل لا محالة عن أرض فلسطين والجولان السورية وتلال ومزارع شبعا اللبنانية، وسوف يزول الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات، والإسباني لمدن المغرب، وذلك بقوة السلام العادل أولاً في زمن أصبح فيه تحقيق التوازن العسكرتاري صعباً بين العرب وإسرائيل على وجه الخصوص على مستوى السلاح غير التقليدي النووي وبسبب انحياز أميركا والغرب ومن ورائهما الصهيونية معها ولأمنها في اطار علاقات جيواستراتيجية وجيوبوليتكية وطيدة، بعيدة المدى رغم امتلاك بعض العرب للسلاحين الكيماوي والبيولوجي الخطيرين، ومساحة عدم التوازن العسكري هذه تمتد حتى تصل طهران التي نريدها حليفاً لا عدواً ومن دون الحاجة لمساعدتها لنا عبر عرضها البترولي الذي أصبح معروفا للجميع والذي استهدف مد هلالها الشيعي المتضارب الأهداف مع الوجود السني إن صح التعبير، رغم أن قيادتنا الهاشمة الحكيمة تنتسب لآل البيت غير المحسوبين على أي لون إسلامي سياسي، وأخطر ما يواجهنا كأمة عربية أيضا هو الاحتلال والاستعمار غير المباشر من قبل العالم الأول الذي ينعتنا (بالعالم الثالث) و(بالشرق الأوسط)، متناسياً بأننا ولدنا عرباً ونريد أن نبقى كذلك ملتفين حول أدياننا السماوية السمحة وحول لغتنا العربية الآرامية الأصل وحول عاداتنا وتقاليدنا المتقاربة، وحول شعورنا العربي والواحد وصولاً ليوم الوحدة الحقيقية بعاصمة واحدة وجيش واحد واقتصاد واحد وسياسة واحدة وخطاب إعلامي واحد مع بقاء كل قطر عربي في مكانه السياسي والجغرافي، ولنرتقي لمستوى مفهوم الأمة الواحدة الذي يجمع تحت مظلته شعوب كافة الدول العربية وطموحنا يصل لدرجة أن تعترف بحضورنا الأمم المتحدة مجتمعين تحت مسمى عروبي واحد غير مفرقين، بينما تقسيمنا إلى دويلات صغيرة مستمر، وفي الوقت الذي نصدر فيه نفط للعالم بنسبة 75 % بحسب دراسة حديثة لصندوق النقد العربي فأننا نستورد السلاح، وبحسب دراسة لمركز خدمة بحوث الكونغرس الأمريكي (congressional research service) يعتبر الشرق الأوسط أكبر مستورد للسلاح بالدرجة الأولى من أميركا ومن روسيا في الدرجة الثانية، غير آخذين بعين الاعتبار بأن حروبنا معظمها مفتعلة سياسياً ولأسباب اقتصادية وهو ما أكده علماء السياسة أمثال «هنري كيسينجر» و»يفغيني بريماكوف»، وإذا كانت البشرية سينتهي وجودها بعد 4.5 مليار سنة بحسب آخر تصريح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية عام 2012 بالارتكاز على العلماء الروس، فلماذا يكدس العالم السلاح؟ وما الحاجة لحرب عالمية ثالثة لا سمح الله وقدر عبر افتعال أزمات سياسية وعسكرية شرق أوسطية متتالية وربيع يختلط فيه النضال الوطني الثوري بالمؤامرات الخارجية الهادفة في زمن يجب أن يحكمه القانون الدولي ومنه الإنساني العادل عبر مجلس الأمن والأمم المتحدة بدلاً من سيطرة شريعة الغاب المرفوضة بشرياً وسياسياً وبكل المقاييس.
من حق الأردن الدولة الشامية الأقرب لمنطقة الخليج وصاحبة التماس الجغرافي معها أن تدخل مجلسها ليس طمعاً بالبترول والغاز ولا بسبب الفقر والبطالة، ولكن لنبني معاً مدماكاً قوياً على طريق بناء دولة العرب الكبرى ولنصل لمرحلة إشادة مجلس تعاون عربي اقتصادي وسياسي واعلامي واحد، ولنعمل معاً من أجل ترسيخ نشيج الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وها هو عمقنا الأردني يصدح عروبة على كافة المستويات التعليمية والطبية والعسكرية والأمنية وحتى الاجتماعية، فلقد تحول الأردن إلى مركز شرق أوسطي متميز في كافة المجالات سابقة الذكر، فها هي جامعتنا تعج بالطلبة العرب الذين يشكلون نسبة مرتفعة من أصل 35 الف طالب وطالبة وافدة من 80 جنسية عالمية، وعلى مستوى السلام مع اسرائيل تحديداً والذي نريده عادلاً وشاملاً غير متقطع الأوصال لا يمكن تحقيقه من دون خطاب عربي واحد يشعرها بقوة الوجود والحضور العربي والمبادة السعودية للسلام التي انطلقت عام 2004 في بيروت يمكن احياؤها من جديد لتخدم جيل اليوم والأجيال المتتابعة القادمة من السماء، وفي المقابل من غير المقبول أن نشاهد تحالفات عربية وأجنبية تمر من خلف ظهورنا بينما نقف وجهاً لوجه امام ازمات العرب المتدحرجة، فمن هي الدولة العربية التي ستبادر في قرع جرس وحدة العرب الفدرالية لنرفع معا شعار (العرب أولاً) بكل ما يحملة من معنى واهداف ونضع لها يدنا فوق حطاتنا وعقلنا احتراماً؟ ومتى سننام ونصحو ونجد بأن مآل العرب الوفير للعرب وليس للعجم لنطوق به فقرنا وبطالتنا وأميتنا كعرب ولنستثمر في الإنسان وفي الصحراء ولنستعيد هويتنا العربية قبل أن تندثر، ولتصبح لنا عملة واحدة وشبكة قطارات واحدة، ولا توجد أمة على وجه الأرض لديها مقومات الوحدة كما نحن العرب لغةً وأدياناً سماوية وعادات وتقاليد وشعوب متحابة ومتفاهمة وتاريخ وحضارة واحدة، يقابل هذه المعادلة وهذا الطموح المشروع وجود 70 مليون عربي تحت خط الفقر، وارتفاع نسبة البطالة في الوطن العربي إلى 14.8 % بحسب ندوة الربيع العربي وتداعياته على منطقة الخليج العربي 2012، وتطابقاً مع أرقام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) فإن أكثر من ربع سكان الوطن العربي ما زالوا محرمومين من التعليم منهم 60 % إناث و6.188 ملايين طفل، وتبلغ مساحة الصحراء العربية وتحديداً الكبرى منها شمال إفريقيا 9 ملايين كم2، وتبلغ نسبة التصحر 9.7 مليون كم2 من مساحة العالم العربي، والانقسام العربي بإزدياد، فبعد تقسيم السودان أصبحت دول عربية أخرى مهددة بمثله، بفعل التدخلات الخارجية الاستعمارية المرتكزة على نظرية قديمة متجددة والتي تسمى (فرق تسد) وأصلها مصطلح سياسي عسكري لاتيني الأصل(divide et Impera) ويعني تفريق قوة الخصم الكبيرة، وهذه السياسة بدأت بالتاريخ عندما غزا الإسكندر الأكبر بلاد فارس ولما عجز عن فتحها توجه لمستشاره الفيلسوف الشهير ارسطو وقال له آنذاك (فرق تسود)، فمتى سنخترع نحن العرب أصحاب أعرق حضارة عرفها الزمن منذ عهد الرسول محمد صلى الله علية وسلم وقبل ذلك منذ عهد بابل قبل التاريخ مصطلح ونهج (توحدوا تسودوا)؟ لقد آن وقت العمل فعلاً على الأرض لا قولاً فقط والله المستعان وهو من وراء القصد.